الكتاب: المكي والمدني من السور والآيات من أول سورة الكهف إلى آخر سورة الناس
المؤلف: محمد بن عبد العزيز عبد الله الفالح
تقديم: محمد بن سريع السريع
الناشر: دار التدمرية، الرياض
الطبعة: الأولى، 1433 هـ - 2012 م
عدد الصفحات: 687
نزول السورة سورة محمد من السور المختلف فيها، فقد اختلف فيها على قولين: الأول: أنها مدنية، وهو قول جمهور المفسرين ينظر: تفسير مقاتل (٤/ ٤۱)، والبيان لابن عبد الكافي (ق ٥٦/ ب)، وقال: "في أكثر الأقاويل"، والتنزيل وترتيبه (ق ۲۲۳/ ب)، والبيان للداني ص (۲۲۸)، والنكت والعيون (٤/ ٤۲) وقال: "في قول الجميع"، والوسيط (٤/ ۱۱۸)، وتفسير أبي المظفر (٥/ ۱٦۷)، ومعالم التنزيل (۷/ ۲۷۷)، والكشاف (۳/ ٤٥۲)، والمحرر الوجيز (۱٥/ ٤۸)، وقال: "بإجماع"، وزاد المسير (۷/ ۱٤٦) وقال: "قاله الأكثرون"، والجامع لأحكام القرآن (۱٦/ ۲۲۳)، وتفسير الخازن (٤/ ۱۳۹)، والبحر المحيط (۹/ ٤٥۸)، وتفسير ابن كثير (۷/ ۳۰٦)، وتفسير البيضاوي (۲/ ٤۰۰)، والبرهان (۱/ ۱۹٤)، وبصائر ذوي التمييز (۱/ ٤۳۰) وقال: "بالاتفاق"، ومصاعد النظر (۲/ ٤۸٥)، وتفسير الجلالين ص (٦۷۲)، والإتقان (۱/ ۸۳)، وتفسير أبي السعود (۸/ ۹۱)، وفتح القدير (٥/ ۳۰)، وروح المعاني (۲٦/ ۳٦)، وتفسير القاسمي (۱٥/ ۳۹)، والتحرير والتنوير (۲٦/ ۷۱).، ويدل لذلك ما يلي: ۱ - ما روي عن ابن عباس أخرجه ابن مردويه كما في الدر المنثور (۷/ ٤٥٦)، وفتح القدير (٥/ ۳۰)، وينظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس (۳/ ٤).، وابن الزبير أخرجه ابن مردويه كما في الدر المنثور (۷/ ٤٥٦)، وفتح القدير (٥/ ۳۰). - رضي الله عنهم -؛ أنها نزلت بالمدينة. ۲ - أنها معدودة ضمن القسم المدني في الروايات التي عددت المكي والمدني ينظر: تنزيل القرآن ص (۳۰)، وفضائل القرآن لأبي عبيد ص (۲۲۱)، وفهم القرآن (۳۹٥ - ۳۹٦)، وفضائل القرآن لابن الضريس ص (۳٤)، والبيان لابن عبد الكافي (ق ۱۲/ ب)، والفهرست ص (٤۲ - ٤۳)، والبيان للداني ص (۱۳۳، ۱۳٥ - ۱۳٦)، ودلائل النبوة (۷/ ۱٤۲ - ۱٤۳)، وفنون الأفنان ص (۳۳۷)، وجمال القراء (۱/ ۸)، والجامع لأحكام القرآن (۱/ ٦۱)، والمدد في معرفة العدد (ق ۳٦/ أ)، وفضائل القرآن لابن كثير ص (۱٦۳).. الثاني: أنها مكية، وهو منسوب إلى ابن عباس، وقتادة ينظر: البيان لابن عبد الكافي (ق ٥٦/ ب).، والضحاك ينظر: الناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلامة ص (۱٦٥)، والكشاف (۳/ ٤٥۲)، وزاد المسير (۷/ ۱٤٦)، والجامع لأحكام القرآن (۱٦/ ۲۲۳)، والبحر المحيط (۹/ ٤٥۸)، وفتح القدير (٥/ ۳۰).، وسعيد بن جبير ينظر: الكشاف (۳/ ٤٥۲)، والجامع لأحكام القرآن (۱٦/ ۲۲۳)، والبحر المحيط (۹/ ٤٥۸)، وفتح القدير (٥/ ۳۰).، والسدي ينظر: الناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلامة ص (۱٦٥)، وزاد المسير (۷/ ۱٤٦)، والبحر المحيط (۹/ ٤٥۸). وينظر القول غير منسوب في: بحر العلوم (۳/ ۲۳۹)، والتفسير الكبير (۲۸/ ۳۲)، وتفسير النسفي (٤/ ۱۱۳)، وتفسير البيضاوي (۲/ ٤۰۰)، ومصاعد النظر (۲/ ٤۸٥)، وتفسير الجلالين ص (٦۷۲)، والإتقان (۱/ ۳۷)، وتفسير أبي السعود (۸/ ۹۱)، وتفسير القاسمي (۱٥/ ۳۹)، والتحرير والتنوير (۲٦/ ۷۱).، ولم أجد ما يدل له. القول الراجح هو قول جمهور المفسرين؛ لما ذكروه، ولعدم وجود ما يدل على مكيتها قلت: بعض آيات السورة فيها دلالة واضحة وجلية على مدنيتها؛ كقوله تعالى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (٤)} [٤]. قال ابن كثير - رحمه الله تعالى - عند تفسيره لهذه الآية (۷/ ۳۰۷): "والظاهر أن هذه الآية نزلت بعد وقعة بدر، فإن الله سبحانه عاتب المؤمنين على الاستكثار من الأسارى يومئذ ليأخذوا منهم الفداء، والتقلل من القتل يومئذ، فقال: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦۷) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٦۸)} [الأنفال: ٦۷، ٦۸] ". وأخرج ابن جرير (۲٦/ ٤٤) عن قتادة بإسناد صحيح أنه قال في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ}: "ذكر لنا أن هذه الآية أنزلت يوم أحد ... "، وهو أثر مرسل.. قال الشوكاني - رحمه الله تعالى - عن هذا القول: "وهو غلط من القول، فالسورة مدنية كما لا يخفى"فتح القدير (٥/ ۳۰)، وينظر: تفسير القاسمي (۱٥/ ۳۹) حيث وصفه القاسمي بالغرابة.. وقال ابن عاشور - رحمه الله تعالى -: "ولعله وَهْم ناشئ عما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -؛ أن قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ ... }[۱۳]. نزلت في طريق مكة قبل الوصول إلى حراء؛ أي: في الهجرة"التحرير والتنوير (۲٦/ ۷۱). وأشير هنا إلى أن سورة محمد تسمى سورة القتال. ينظر تسمية السورة بذلك في: تفسير أبي المظفر (٥/ ۱٦۷)، وتفسير ابن كثير (۷/ ۳۰٦)، وتفسير البيضاوي (۲/ ٤۰۰)، وتفسير أبي السعود (۸/ ۹۱)، وفتح القدير (٥/ ۳۰)، وروح المعاني (۲٦/ ۳٦)، وتفسير القاسمي (۱٥/ ۳۹)، والتحرير والتنوير (۲٦/ ۷۱).. الآية المختلف فيها قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (۱۳)}. نسب القول باستثناء هذه الآية إلى ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقتادة - رحمه الله تعالى - ينظر: زاد المسير (۷/ ۱٤٦)، والجامع لأحكام القرآن (۱٦/ ۲۲۳)، والبحر المحيط (۹/ ٤٥۸)، وفتح القدير (٥/ ۳۰)، وروح المعاني (۲٦/ ۳٦).. : مستند هذا القول: ۱ - ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -؛ "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما خرج من مكة إلى الغار - أراه قال: - التفت إلى مكة، وقال: "أنت أحب بلاد الله إلى الله، وأنت أحب بلاد الله إلي، ولو أن المشركين لم يخرجوني لم أخرج منك، فأعدى الأعداء من عدا على الله في حرمه، أو قتل غير قاتله، أو قتل بذحول الذَّحْلُ: الحقد والعداوة، يقال: طلب بذَحْلِه؛ أي: بثأره. ينظر: مختار الصحاح ص (۱۹۳)، ولسان العرب (۱۱/ ۲٥٦) مادة: (ذحل). الجاهلية"، فأنزل الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (۱۳)} أخرجه أبو يعلى كما في المطالب العالية (٤/ ۱٥٦) رقم (۳۷۲۸)، وابن جرير (۲٦/ ٤۸)، وابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير (۷/ ۳۱۲)، وفي إسناده: الحسين بن قيس الرحبي، الملقب بحنش، قال ابن حجر في التقريب ص (۱٦۸): "متروك"، وينظر: تهذيب الكمال (٦/ ٤٦٥ - ٤٦۷).. ۲ - ما ذكر من أنها نزلت بعد حجه - صلى الله عليه وسلم -، حين خرج من مكة جعل ينظر إلى البيت وهو يبكي حزنًا عليه، فنزلت ينظر: النكت والعيون (٤/ ٤۲)، وزاد المسير (۷/ ۱٤٦)، والجامع لأحكام القرآن (۱٦/ ۲۲۳)، والبحر المحيط (۹/ ٤٥۸)، وفتح القدير (٥/ ۳۰)، وروح المعاني (۲٦/ ۳٦).. * مناقشة هذا المستند: إن الناظر فيما ذكروه يجد أن الدليل الأول لم يصح، وعلى فرض صحته فهو يدل على نزول الآية في سفر الهجرة، فهي على هذا مدنية، إذ ما نزل في سفر الهجرة فهو مدني. أما الدليل الثاني فلم أجد أحدًا أخرجه، ولو ثبت فهو موافق لرأي الجمهور القائلين بمدنية جميع آيات السورة؛ لأن ما نزل بعد الهجرة فهو مدني حتى لو كان بمكة، ولذا فالآية مدنية كغيرها من آيات السورة، ولا يصح استثناؤها، والله أعلم.