(سورة الفاتحة مكية) ذهب الجمهور إلى أن الفاتحة مكية، وهو المروي عن عليّ بن أبي طالب وابن عباس وأبي ميسرة ¬هو عمرو بن شرحبيل الهمداني الكوفي. توفي -رحمه الله- في ولاية عبيد الله بن زياد. ترجمته: الطبقات الكبرى لابن سعد (٦/ ۱۰٦)، حلية الأولياء (٤/ ۱٤۱ - ۱٤۷). أدلة هذا القول: استدل الجمهور على مكية سورة الفاتحة بما يلي: الدليل الأول: قوله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} سورة الحجر الآية (۸۷).. وجه الدلالة: قال الجمهور: إن سورة الحجر مكية بإجماع ¬أجمع أهل التفسير على أن سورة الحجر مكية، قال ابن الجوزي -رحمه الله-: "وهي مكية كلها من غير خلاف نعلمه"، زاد المسير (٤/ ۳۷۹). وقال أبو حيان -رحمه الله-: "هذه السورة مكية بلا خلاف"، البحر المحيط (٦/ ٤٦۳). ويقول الفيروزآبادي -رحمه الله-: "السورة مكية إجماعًا"، البصائر (۱/ ۲۷۲). وقال البقاعي -رحمه الله-: "مكية كلها إجماعًا"، مصاعد النظر (۲/ ۲۰۲). ويقول ابن عاشور -رحمه الله-: "وهي مكية كلها، وحكي الاتفاق عليه"، التحرير والتنوير (٥/ ۱٤).¥. وقد ورد تفسير السبع المثاني بالفاتحة مسنداً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أبي هريرة أخرجه البخاري في الصحيح، انظر صحيح البخاري مع الفتح (۸/ ۲۳۲) برقم (٤۷۰٤) كتاب التفسير، باب {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} الآية.، وأبي بن كعب ¬أخرجه الإمام أحمد في المسند (٥/ ۱۱٤) برقم (۹۳۳٤) طبعة شاكر. والترمذي في سننه انظر: سنن الترمذي مع تحفة الأحوذي (۸/ ۱٤٤ - ۱٤٥) برقم (۳۰۳٦) كتاب فضائل القرآن، باب ماجاء في فضل فاتحة الكتاب. وابن خزيمة في صحيحه (۱/ ۲٥۲) برقم (٥۰۰)، والحاكم في المستدرك (۱/ ٥٥۷ - ٥٥۸). وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم" ووافقه الذهبي. وصححه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في تحقيقه لصحيح ابن خزيمة. والشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي (۳۱۳) برقم (۲۳۰۷) وفي تحقيقه لمشكاة المصابيح للتبريزي (۱/ ٦٦۰) برقم (۲۱٤۲).¥، وأبي سعيد بن المعلّى ¬أخرجه البخاري في صحيحه، انظر: صحيح البخاري مع الفتح (۸/ ٦ - ۷) برقم (٤٤۷٤) كتاب التفسير، باب ما جاء في فاتحة الكتاب. وأخرجه أيضا برقم (٤٦٤۷) وبرقم (٤۷۰۳).¥. ومن هنا فإن الآية دالة على تقديم نزول الفاتحة على سورة الحجر. قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: "يستنبط من تفسير السبع المثاني بالفاتحة أن الفاتحة مكية، وهو قول الجمهور خلافا لمجاهد، ووجه الدلالة أنه سبحانه امتنّ على رسوله بها، وسورة الحجر مكية اتفاقاً، فيدل على تقديم نزول الفاتحة عليها" الفتح (۸/ ۹).. الدليل الثاني: ما أخرجه أبو نعيم من طريق محمد بن إسحاق قال: وحدثني إسحاق بن يسار عن رجل من بني سلمة قال: لما أسلم فتيان بني سلمة أسلمت مرأة عمرو بن الجموح وولده، قال لامرأته: لا تدعي أحداً من عيالك في أهلك حتى ننظر ما يصنع هؤلاء، قالت: أفعل، ولكن هل لك أن تسمع من ابنك فلان ما روى عنه، قال: فلعله صبا، قالت: لا، ولكن كان مع القوم، فأرسل إليه، فقال: أخبرني ما سمعت من كلام هذا الرجل، فقرأ عليه {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} إلى قوله تعالى: {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} فقال: ما أحسن هذا وأجمله، وكلّ كلامه مثل هذا؟ فقال: يا أبتاه وأحسن من هذا، قال: فهل لك أن تبايعه، قد صنع ذلك عامة قومك" ¬دلائل النبوة لأبي نعيم (۱/ ٤۱۳) برقم (۲۲۸). وجوّد إسناده الشيخ محمد بن رزق الطرهوني. انظر: صحيح السيرة النبوية (۱/ ۱۹)، والأثر ذكره السيوطي في الخصائص الكبرى (۱/ ۲۸۷).¥. وجه الدلالة: إن تعلم معاذ بن عمرو بن الجموح الفاتحة من النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الهجرة، وقراءته على أبيه عقب بيعة العقبة الثانية لدليل على مكية الفاتحة، وكما هو ثابت في السيرة أن معاذ بن عمرو بن الجموح كان ممن شارك في بيعة العقبة الثانية التي وقعت في العام الثاني عشر من البعثة انظر: سيرة ابن هشام (۲/ ٤۸۳)، البداية والنهاية (۳/ ۱٦٤ - ۱٦٥).. الدليل الثالث: مما هو معلوم بالضرورة أن فرض الصلاة كان بمكة، وما حفظ أنه كان في الإسلام قط صلاة بغير فاتحة الكتاب، ولا أدلّ على ذلك من قوله عليه الصلاة والسلام "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" صحيح البخاري مع الفتح (۲/ ۲۷٦) برقم (۷٥٦) كتاب الأذان باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها.. قال القرطبي -رحمه الله- معلقاً على هذا الحديث: "وهذا خبر عن الحكم لا عن الابتداء" تفسير القرطبي (۱/ ۱۱٥).. وقال الواحدي -رحمه الله-: "ولم يكن الله ليمتنّ على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب هذا مما لا تقبله العقول" أسباب النزول (ص: ۲۰)، وانظر البسيط للواحدي (۱/ ۲۱ ق/ ب).. ويقول أبو العباس الإقليشي ¬هو أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى الإقليشي الأندلسي توفي -رحمه الله- سنة (٥٥۱ هـ). ترجمته: السير (۲۰/ ۳٥۸)، الوافي بالوفيات (۸/ ۱۸۳ - ۱۸٤).¥ -رحمه الله- مشيراً إلى هذا الدليل: "واحتج بطريق النظر من قال إنها مكية بكون الصلاة فرضت على النبي عَلَيْهِ السَّلام بمكة، وقد قال عَلَيْهِ السَّلام: كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج، فلو صليت الصلاة دون فاتحة الكتاب، كانت خداجاً، فهى إذاً منزلة قبل الصلاة" تفسير العلوم والمعاني المستودعة في السبع المثاني لأبي العباس الإقليشي (ص: ۹۰).. الدليل الرابع: أخرج الثعلبي في تفسيره من طريق مروان بن معاوية عن العلاء بن المسيب عن الفضيل بن عمرو عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "نزلت فاتحة الكتاب بمكة من كنز تحت العرش" ¬الكشف والبيان (۱/ ۱۹ ق/ ب). ورجال إسناد الثعلبي كلهم من الثقات. والأثر أخرجه الواحدي في أسباب النزول (ص: ۱۹) من طريق أبي يحيى القصري عن مروان بن معاوية، وفي البسيط له أيضا (۱/ ۱۹ ق/ ب) وقال بعد أن أورد الأثر: "وعلى هذا أكثر العلماء". وأخرجه أيضا البطريز نديّ في الدرر الثمينة في فضائل الآيات والسور العظيمة (۲۳٥ ق/ أ) ضمن مجموع.¥. الدليل الخامس: ما أخرجه البيهقي من طريق يونس بن بكير عن يونس بن عمرو عن أبيه عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل في حديث طويل يحكي فيه عن قصة بدء الوحي، وفيه: " ... فلما خلا ناداه يا محمد قل: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} حتى بلغ {وَلَا الضَّالِّينَ} ... " ¬دلائل النبوة للبيهقي (۲/ ۱٥۸ - ۱٥۹). "مرسل صحيح الإسناد" كذا قاله الحافظ ابن حجر في العجاب (۹ ق/ ب). والأثر أخرجه الواحدي في أسباب النزول (ص: ۱۹) بنحوه، وفي البسيط أيضا (۱/ ۱۹ ق/ ب)، والوسيط (۱/ ٥۸). هذا ويرى بعض أهل العلم اعتماداً على هذا المرسل أن الفاتحة أول ما نزل من القرآن، حتى عزا الزمخشري هذا القول إلى أكثر المفسرين. انظر: الكشاف (٤/ ۲۷۰). قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- رداً على قول الزمخشري: " ... أكثر المفسرين إلى أن أول سورة نزلت فاتحة الكتاب، كذا قال:- أي الزمخشري - والذي ذهب أكثر الأئمة إليه هو الأول -أي أولية اقرأ- وأما الذي نسبه إلى الأكثر فلم يقل به إلا عدد أقل من القليل بالنسبة إلى من قال بالأول". الفتح (۸/ ٥۸٤).¥ الحديث. وجه الدلالة: إن هذا الحديث وإن كان مرسلا إلّا أن فيه دلالة على أن الفاتحة من أوائل ما نزل من القرآن. قال البيهقي -رحمه الله-: "فهذا منقطع، فإن كان محفوظاً فيحتمل أن يكون خبراً عن نزولها بعد ما نزلت عليه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}، و {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} " دلائل النبوة (۲/ ۱٥۹).. وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في التعليق على مرسل أبي ميسرة: "وهو مرسل له ثقات. فإن ثبت حمل على أن ذلك كان بعد قصة غار حراء، ولعله كان بعد فترة الوحي" العجاب (۸ ق/ ب).. القائلون بمدنية سورة الفاتحة وأدلتهم يرى بعض أهل العلم أن سورة الفاتحة مدنية، وقد روي هذا القول عن أبي هريرة، وعبد الله بن عبيد بن عمير، وسوادة بن زياد، وعطاء بن يسار، ومجاهد، وعطاء الخراساني، وابن شهاب الزهري وغيرهم انظر: المحرر الوجيز (۱/ ٦۱)، جمال القراء (۱/ ۱۱)، تفسير القرطبي (۱/ ۱۱٥) الإتقان (۱/ ۳٤ - ۳٥).. أدلة هذا القول: استدل أصحاب هذا القول بما يلي: الدليل الأول: ما أخرجه ابن أبي شيبة فقال: حدثنا أبو الأحوص عن منصور عن مجاهد عن أبي هريرة قال: "نزلت فاتحة الكتاب بالمدينة" ¬المصنف في الأحاديث والآثار لابن أبي شيبة (۱۰/ ٥۲۲) برقم (۱۰۱۸۸) ورجال إسناده كلهم من الثقات. والأثر أخرجه ابن الأعرابي في معجمه (٤٦۱ ق/ أ) من طريق ابن أبي شيبة به بلفظ" إن إبليس رنَّ حين أنزلت فاتحه الكتاب وأنزلت بالمدينة". والطبراني في الأوسط (٥/ ۳۹۷) برقم (٤۷۸٥). وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في الأوسط شبيه المرفوع، ورجاله رجال الصحيح". مجمع الزوائد (٦/ ۳۱٤). وقال السيوطي: "وورد عن أبي هريرة بإسناد جيد" ثم ذكر رواية الطبراني في الأوسط. انظر: الإتقان (۱/ ۳٥). وأخرجه أيضا أبو الشيخ في العظمة (٥/ ۱٦۷۹) برقم (۱۱۲٤) وفيه زيادة. وأبو نعيم في الحلية (۳/ ۲۹۹) مثل رواية أبي الشيخ.¥. الدليل الثاني: أخرج الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما - قال: "بينما جبريل عَلَيْهِ السَّلام قاعدٌ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع نقيضا من فوقه، فرفع رأسه، فقال: هذا باب من السماء فتح اليوم، لم يفتح قط إلّا اليوم، فسلّم، وقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبيّ قبلك، فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف فيهما إلّا أوتيته" صحيح مسلم (۱/ ٥٥٤) برقم (۸۰٦) كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة والحث على قراءة الآيتين من آخر البقرة.. وجه الدلالة: في الحديث دلالة على أن الفاتحة نزلت حينما نزلت خواتيم سورة البقرة، ومعلوم أن خواتيم البقرة مدنية باتفاق. القائلون بتكرر نزول الفاتحة وأدلتهم يرى أصحاب هذا القول أن سورة الفاتحة من السور التي تكرر نزولها، تارة بمكة وتارة بالمدينة. وقد حكى هذا القول الثعلبي ¬هو أحمد بن محمد بن إبراهيم أبو إسحاق الثعلبي، له من المؤلفات الكشف والبيان عن تفسير القرآن، والعرائس في قصص الأنبياء عليهم السلام، توفي -رحمه الله- سنة (٤۲۷ هـ). ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي (ص: ۲۸)، طبقات المفسرين للداوودي (۱/ ٦٦ - ٦۷). هذا وقد قام الدكتور محمد أشرف علي الملباري بدراسة وافية عن الثعلبي وتفسيره بعنوان: الثعلبي ودراسة كتابه الكشف والبيان عن تفسير القرآن، نال بها درجة الدكتوراه من الجامعة الإسلامية بالمدينة.¥، والبغوي، والزمخشري، والفخر الرازي، والسخاوي، والزركشي، والسيوطي، ولم ينسبوه إلى قائله انظر: الكشف والبيان (۱/ ۱۹ ق/ ب)، معالم التنزيل (۱/ ٤۹)، الكشاف (۱/ ۲۳)، تفسير الرازي (۱/ ۱۸٤)، جمال القراء (۱/ ۳٤) البرهان (۱/ ۲۹)، الإتقان (۱/ ۱۱۳).. أدلة هذا القول: استدل أصحاب هذا القول بما يلي: الدليل الأول: أنه لا مانع من تكرر نزول شيء من القرآن، ومن فوائد ذلك كما ذكره الزركشي أنه قد ينزل الشيء مرتين تعظيما لشأنه، وتذكيراً به عند حدوث سببه خوف نسيانه، وهذا كما قيل في الفاتحة نزلت مرتين، مرة بمكة وأخرى بالمدينة انظر: البرهان (۱/ ۲۹).. الدليل الثاني: أن تسمية سورة الفاتحة بالمثاني دليل على نزولها بمكة تارة وبالمدينة تارة أخرى. قال الثعلبي -رحمه الله- بعد أن ذكر القول بمكية سورة الفاتحة والقول بمدنيتها: "ولفق بعض العلماء بين هذين القولين، فقال: إنها مكية مدنية، نزل بها جبريل مرتين، مرة بمكة، ومرة بالمدينة، حين حلّها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعظيما وتفضيلا لهذه السورة على ما سواها فلذلك سميت مثاني" الكشف والبيان (۱/ ۱۹ ق/ ب).. القائلون بأن النصف الأول من سورة الفاتحة نزل بمكة ونصفها الأخير نزل بالمدينة ودليلهم لم أقف على أحد نسب إليه هذا القول، وقد حكاه أبو الليث السمرقندي ¬هو نصر بن محمد بن إبراهيم أبو الليث السمرقندي الحنفي، توفي -رحمه الله- سنة (۳۷٥ هـ). ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي (۲/ ۳٤٦)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (ص ۳۱۰)، هذا وللدكتور عبد الرحيم الزقة مقالة بعنوان: السمرقندي ومنهجه في التفسير، منشورة في مجلة كلية الشريعة بجامعة بغداد، العدد الخامس (۱۹۷۹) م، (ص: ۳۷۰ - ۳۹۰).¥ في تفسيره دون أن يعزوه إلى أحد انظر: بحر العلوم لأبي الليث السمرقندي (۱/ ۲۲۱).. دليل هذا القول: يبدو - والله أعلم - أن هذا القول اعتمد على ما جاء في آخر الفاتحة من قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} إذ كلّ الآيات التي تتحدث عن اليهود مدنيات لدى بعض أهل العلم ¬ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تفسير المغضوب عليهم باليهود والضالين بالنصارى. أخرجه الإمام أحمد في المسند بسنده عن عدي بن حاتم مطولا (٤/ ٥۱۲) برقم (۱۹۳۲۹) - طبعة المكتب الإسلامي المرقمة - والطبري في التفسير مكتفيا بالشاهد (۱/ ۱۸٥) برقم (۱۹۳) و (۱/ ۱۹۳) برقم (۲۰۷).¥. بيان القول الراجح: بعد أن استعرضت الأقوال السابقة ودليل كل قول ترجح لديّ - والعلم عند الله تعالى - أن سورة الفاتحة مكية، وذلك لما يلي: أولا: تضافر الأدلة الصحيحة على هذا القول. ثانيا: امتناع الامتنان بالشيء قبل إيتائه غالباً؛ لأن الله سبحانه وتعالى امتن على رسوله - صلى الله عليه وسلم - بسورة الفاتحة بقوله {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} والآية من سورة الحجر، ومعلوم أن سورة الحجر مكية اتفاقا. ولعل من المستحسن أن أورد هنا نماذج من أقوال أهل العلم تبين لنا صحة الاستدلال بقوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} على مكية سورة الفاتحة: أ - قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "وفاتحة الكتاب نزلت بمكة بلا ريب كما دل عليه قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} وقد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "هي السبع المثاني والقرءان العظيم الذي أوتيته" وسورة الحجر مكية بلا ريب، وفيها كلام مشركي مكة وحاله معهم" مجموع الفتاوى (۱۷/ ۱۹۰ - ۱۹۱).. وغلّط شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- من قال إن الفاتحة نزلت بالمدينة، فقد قال بعد أن حكم على الغلط أيضا قول من قال: إن سورة" الكافرون" نزلت بالمدينة، قال: "وكذلك قول من قال: الفاتحة لم تنزل إلّا بالمدينة غلط بلا ريب، ولو لم تكن معنا أدلة صحيحة تدلنا على ذلك لكان من قال: إنها مكية معه زيادة علم" مجموع الفتاوى (۱۷/ ۱۹۰ - ۱۹۱).. ب - وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- بعد أن استعرض الخلاف في نزول الفاتحة: "والأول - أي القول بمكيتها - أشبه لقوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} " تفسير ابن كثير (۱/ ۹ - ۱۰).. جـ - ويقول الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: "يستنبط من تفسير السبع المثاني بالفاتحة أن الفاتحة مكية وهو قول الجمهور، خلافاً لمجاهد، ووجه الدلالة أنه سبحانه امتن على رسوله بها، وسورة الحجر مكية اتفاقاً، فيدل على تقديم نزول الفاتحة عليها" الفتح (۸/ ۹).. د - وقال البيضاوي هو عبد الله بن عمر بن محمد بن علي ناصر الدين البيضاوي صنف تفسيره المسمى" أنوار التنزيل وأسرار التأويل" و "منهاج الأصول" توفي -رحمه الله- سنة (٦۸٥ هـ). ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي (۱/ ۲٤۸ - ۲٤۹)، طبقات الشافعية للسبكي (۸/ ۱٥۷ - ۱٥۸)، وأرخ في وفاته سنة (٦۹۱ هـ). -رحمه الله-: "وقد صح أنها مكية لقوله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} وهو مكي" أنوار التنزيل وأسرار التأويل (۱/ ٥).. هـ - وقال الكواشي ¬هو أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع موفق الدين الكواشي الشافعي. صنف تفسيره المسمى "تبصرة المتذكر وتذكرة المتبصر في تفسير القرآن العزيز" وله مختصر لهذا التفسير توفي -رحمه الله- سنة (٦۸۰ هـ). ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي (۱/ ۱۰۰ - ۱۰۱)، طبقات الشافعية للسبكي (۸/ ٤۲).¥ -رحمه الله- بعد أن ذكر الخلاف في مكان نزول هذه السورة: "والأول - أي نزولها بمكة - أصح لقوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} وسورة الحجر مكية، فلم يكن يمن عليه بها قبل نزولها" تبصرة المتذكر وتذكرة المتبصر في تفسير القرآن العزيز (٥ ق/ أ).. و - ويقول أبو العباس الإقليشي في حديثه عن أسباب تسمية الفاتحة بالمثاني: "أن يكون سمّاها بذلك من نص قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} وتكون سورة الحمد نزلت على هذا قبل سورة الحجر" تفسير العلوم والمعاني المستودعة في السبع المثاني (ص: ۸٤ - ۸٥).. ز - وقال ابن بنت الميلق ¬هو محمد بن عبد الدائم بن محمد بن سلامة ناصر الدين المعروف بابن بنت الميلق، مفسر صوفي. توفي -رحمه الله- سنة (۷۹۷ هـ). ترجمته: إنباء الغمر بأبناء العمر لابن حجر (۱/ ٥۰۳)، الدرر الكامنة (٤/ ۱۱٤ - ۱۱٥).¥: "وقد نزلت الفاتحة بمكة حتى امتن الله سبحانه بالفاتحة على نبيه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} وسورة الحجر مكية" التجارة الرابحة في الدلالة على مقاصد الفاتحة لابن بنت الميلق (٥۹/ أ).. ح - ويقول الفيروزآبادي -رحمه الله-: "اختلف العلماء في موضع نزولها، فقيل: نزلت بمكة، وهو الصحيح؛ لأنَّه لا يعرف في الإسلام صلاة بغير فاتحة الكتاب". البصائر (۱/ ۱۲۸). ثالثا: أن القضايا التي تحدثت عنها السورة من أولها إلى آخرها قضايا خصائص السور المكية؛ إذ السورة تناولت قضايا العقيدة من الإيمان بصفات الله وأسمائه، والبعث والجزاء، وإفراد الله تبارك وتعالى بالعبادة، والاستعانة، إلى غير ذلك من القضايا التي تميز بها القرآن المكي، والتي كان الغرض منها ترسيخ العقيدة في نفوس المسلمين أولاً. مناقشة أدلة القائلين بمدنية الفاتحة مناقشة دليلهم الأول: نوقش حديث أبي هريرة الذي استدل به القائلون بمدنية الفاتحة بأن الجملة الأخيرة من الحديث - "وأنزلت بالمدينة" - إدراج من قول مجاهد. قال الإمام السيوطي -رحمه الله- الذي جوّد إسناد هذا الحديث: "ويحتمل أن الجملة الأخيرة مدرجة من قول مجاهد" الإتقان (۱/ ۳٥).. ومما يؤيد هذا الاحتمال ما أخرجه مقاتل في تفسيره بلفظ "لما نزلت فاتحة الكتاب رنّ إبليس" تفسير مقاتل (۱/ ۱۲).. ومعلوم كما هو مقرر في كتب الأصول أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط الاستدلال به انظر هذه القاعدة في: البحر المحيط في أصول الفقه للزركشي (۳/ ۱٥۳).. مناقشة دليلهم الثاني: نوقش هذا الدليل بأنه ليس المراد في دلالة الحديث أن الفاتحة نزلت في ذاك الوقت، وإنما أريد به الإخبار بفضلها، وهكذا ترجمه الإمام مسلم في صحيحه "باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة .... " صحيح مسلم (۱/ ٥٥٤) برقم (۸۰٦) كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة والحث على قراءة الآيتين من آخر البقرة.. قال القرطبي -رحمه الله- بعد أن ذكر هذا الحديث: "فهذا الحديث يدلّ على أنها مدنية، وأن جبريل لم ينزل بها، وليس كذلك، بل نزل بها جبريل عَلَيْهِ السَّلام بمكة، لقوله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} وهذا يقتضى جميع القرآن، فيكون جبريل عليه السلام نزل بتلاوتها بمكة، ونزل الملك بفضلها وثوابها بالمدينة، فتتفق الآثار التذكار في أفضل الأذكار (ص: ۲۲۹).. وللمزيد في مناقشة دعوى مدنية الفاتحة أقول: إن أهل العلم شنعوا على قول مجاهد بمدنية الفاتحة، فقد نقل الثعلبي -رحمه الله- قول الحسين بن الفضل ¬هو العلامة المفسر الحسين بن الفضل بن عمير أبو علي البجلي الكوفي، ثم النيسابوري، توفي -رحمه الله- سنة (۲۸۲ هـ). ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي (ص: ٤۸)، طبقات المفسرين للداوودي (۱/ ۱٥۹ - ۱٦۰).¥: "لكل عالم له هفوة، وهذه بادرة من مجاهد لأنَّه تفرد بها والعلماء على خلافه" الكشف والبيان (۱/ ۱۹ ق/ أ).. ولعل مقالة الذهبي -رحمه الله- يحسن ذكرها في مثل هذا المقام، حيث قال في ترجمته لمجاهد منبهاً على حاله: "ولمجاهد أقوال وغرائب في العلم والتفسير تستنكر" السير (٤/ ٤٥٥).. ومما يستدعي الانتباه أيضا في هذا المقام أن الحافظ ابن حجر- رحمه الله - يرى عدم صحة نسبة القول بمدنية الفاتحة إلى كل من أبي هريرة، والزهري، وعطاء بن يسار، فيقول: "وأغرب بعض المتأخرين فنسب القول بذلك - أي بمدنية الفاتحة - لأبي هريرة، والزهري، وعطاء بن يسار" الفتح (۸/ ۹).. مناقشة أدلة القائلين بتكرر نزول الفاتحة مناقشة دليلهم الأول: ولئن كان في القرآن الكريم ما تكرر نزوله كما صرح به غير واحد من أهل العلم ¬وقد صرح جماعة من المتقدمين والمتأخرين بأن من القرآن ما تكرر نزوله، انظر: الإتقان (۱/ ۱۱۳ - ۱۱٤). ومن فوائده التذكير والموعظة، قال ابن الحصار: "قد يتكرر نزول الآية تذكيراً وموعظة"، الإتقان (۱/ ۱۱۳ - ۱۱٤). وقال الزركشى -رحمه الله-: "وقد ينزل الشيء مرتين تعظيماً لشأنه وتذكيراً به عند حدوث سببه خوف نسيانه"، البرهان (۱/ ۲۹). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "وإذا ذكر أحدهم لها سبباً نزلت لأجله، وذكر الآخر سبباً، فقد يمكن صدقهما بأن تكون نزلت عقب تلك الأسباب، أو تكون نزلت مرتين، مرة لهذا السبب، ومرة لهذا السبب"، مقدمة في أصول التفسير (ص: ٤۱). وقال أيضا في معرض تعداده اختلاف التنوع في التفسير الموجود لدي السلف:- "ومن التنازع الموجود عنهم ما يكون اللفظ فيه محتملاً للأمرين، إما لكونه مشتركاً في اللغة ... وإما لكونه متواطئاً في الأصل، لكن المراد به أحد النوعين ... فمثل هذا قد يجوز أن يراد به كل المعاني إلى قالها السلف، وقد لا يجوز ذلك، فالأول: إما لكون الآية نزلت مرتين، فأريد بها هذا تارة، وهذا تارة" مقدمة في أصول التفسير (ص: ٤۱-٤۲).¥، إلّا أن غاية ما في الأمر لو سلمنا للقائلين بتكرر نزول الفاتحة بذلك أن الفاتحة نزلت على حرف بمكة، ونزلت بقية وجوهها في المدينة، وهذا التوجيه استحسنه أئمة أجلاء كالسخاوي وعماد الدين الكنديّ ¬هو أبو الحسن بن أبي بكر بن أبي الحسن الكندي النحوي، من مؤلفاته الكفيل، بمعاني التنزيل، توفي -رحمه الله- سنة (۷٤۱ هـ). ترجمته: الدرر الكامنة (۲/ ۱٦۱)، بغية الوعاة (۱/ ٥۳۲).¥ - رحمهما الله تعالى -. قال السخاوي بعد أن حكى القول بتكرر نزول الفاتحة: "إن قيل فما فائدة نزولها مرة ثانية؟ قلت: يجوز أن تكون نزلت أول مرة على حرف واحد، ونزلت في الثانية ببقية وجوهها، نحو ملك، مالك، والسراط، والصراط، ونحو ذلك" جمال القراء (۱/ ۳٤).. ويقول عماد الدين الكندي معللا القول بنزول الفاتحة مرتين: "ولعلهم يعنون بنزولها مرتين أن جبريل نزل حين حولت القبلة، فأخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن الفاتحة ركن في الصلاة كما كانت بمكة، فظنّ ذلك نزولاً لها مرة أخرى، أو أقرأه قراءة أخرى لم يقرئها له بمكة، فظن ذلك إنزالا" الإتقان (۱/ ۱۱٥).. مناقشة دليلهم الثاني: وأما قولهم إن تسمية سورة الفاتحة بالمثاني لدليل على نزولها بمكة مرة وبالمدينة مرة أخرى فهو قول غير سديد؛ إذ إن التثنية هنا بمعنى التكرير بناءً على ما شاع عند العرب من استعمال المثنى في مطلق المكرر، نحو {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ}، وقولهم: لبيك وسعديك، وعليه فيكون المراد بالمثاني هنا مثل المراد بالمثاني في قوله تعالى: {كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} أي مكرر القصص والأغراض روح المعاني (۱٤/ ۷۸ - ۷۹) بتصرف.. قال أبو المظفر السمعاني ¬هو منصور بن عبد بن عبد الجبار التميميّ الشافعي، من مؤلفاته التفسير المشهور باسمه، والقواطع في أصول الفقه، توفي -رحمه الله- سنة (٤۸۹ هـ). ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي (۲/ ۳۳۹ - ۳٤۰)، طبقات الشافعية للسبكي (٥/ ۳۳٥ - ۳٤٦). هذا وقد حقق تفسير السمعاني في رسائل علمية بالجامعة الإسلامية بالمدينة، وبعض تلك الرسائل نشرت حديثاً.¥ -رحمه الله- بعد أن ذكر أن من أسباب تسمية سورة الفاتحة بالمثاني نزولها مرتين قال: "وهذه رواية غريبة" تفسير أبي المظفر السمعاني (۱/ ۳٥٥) القسم المطبوع.. وقال القرطبي -رحمه الله- في معرض نقده القول بتكرر نزول الفاتحة "وقد قيل إنها مكية مدنية نزل بها جبريل عليه السلام مرتين، حكاه الثعلبي وغيره، وما ذكرناه - أي نزولها بمكة - أولى" التذكار في أفضل الأذكار (ص: ۲۲۹).. ويقول ابن عاشور -رحمه الله- في هذا المقام: "وقيل سميت المثاني لأنها ثنيت في النزول فنزلت بمكة ثم نزلت في المدينة وهذا قول بعيد جدا" التحرير والتنوير (۱/ ۱۳٥).. ويمضي ابن عاشور في رده على هذا القول فيقول: "وقد اتفق على أنها مكية فأي معنى لإعادة نزولها بالمدينة" التحرير والتنوير (۱/ ۱۳٥).. مناقشة دليل القائلين بأن النصف الأول من سورة الفاتحة نزل بمكة والنصف الأخير نزل بالمدينة. لا أظن أن هذا القول يستحق مزيداً من المناقشة ولعلّ ذكر قولين من أقوال نقاد المفسرين تكفينا مؤنة طول مناقشة هذا القول. ۱ - قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- بعد أن ذكر هذا القول: "وهو غريب جداً" تفسير ابن كثير (۱/ ۱۰).. ۲ - وقال العلامة الآلوسي -رحمه الله- مبينا ضعف هذا القول: "وقيل بعضها مكي وبعضها مدني ولا يخفى ضعفه" روح المعاني (۱/ ۳۳).. الاعتراض الذي اعترض به على رأي الجمهور والجواب عنه. ذكر الاعتراض اعترض على استدلال الجمهور بقوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} على مكية سورة الفاتحة، أن الله سبحانه وتعالى امتن على نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأمور قبل إيتائه إياها، كقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}، وامتنان سورة الفاتحة على النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذا الباب، وعليه فإن الاستدلال بتلك الآية على مكية سورة الفاتحة استدلال في غير محله روح المعاني (۱/ ۳٤) بتصرف.. الجواب عن هذا الاعتراض: أجاب الجمهور عن هذا الاعتراض بأن ورود اللام، و "قد" وما يتضمن السياق من معنى القسم، كلّ هذا ينبئ عن سبق وقوع هذه المنة. قال العلامة الآلوسي -رحمه الله- بعد أن ذكر الإشكال الناشئ من قوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} قال: "وهذا - يعني قوله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} - وإن كان خلاف الظاهر لاسيما مع إيراد اللام، وكلمة "قد"، ووروده في معرض المنة، والغالب فيها سبق الوقوع" روح المعاني (۱/ ۳٤).. ويقول العلامة المفسّر صديق حسن خان ¬هو أبو الطيّب محمد صديق حسن خان القنوجي، من مؤلفاته فتح البيان في مقاصد القرآن، ونيل المرام من تفسير الآيات الأحكام. توفي -رحمه الله- سنة (۱۳۰۷ هـ). ترجمته: معجم المفسرين (۲/ ٥۳۹)، معجم المؤلفين (۱۰/ ۹۰).¥ -رحمه الله-: "وظاهر قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ} الآية أنه قد تقدم إيتاء السبع على نزول هذه الآية" فتح البيان في مقاصد القرآن (٥/ ۲۰٥)..