الفهرس

سُورة الأنفال
بيان السور السبع الطول
قال العلماء - رضي الله عنهم -: القرآن العزيز أربعة أقسام: الطول والمئون، والمثاني، والمفصل، فعن واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أعطيت مكان التوراة السبع الطول، ومكان الزبور المئين، ومكان الإنجيل المثاني، وفضلتُ بالمفصل حديث حسن وسيأتي تخريجه بالتفصيل رقم ۱۷۹.. قال الإمام الزركشي: السبع الطول أولها البقرة وآخرها براءة؛ لأنهم كانوا يعدون الأنفال وبراءة سورة واحدة؛ ولذلك لم يفصلوا بينهما؛ لأنهما نزلتا جميعًا في مغازي رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -. وسميت طولًا لطولها. والطول بضم الطاء جمع طولى، كالكُبر جمع كبرى وحكي عن سعيد بن جبير أنه عد السبع الطول: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس البرهان في علوم القرآن للإمام الزركشي ۱/ ۲٤٤.. وقال الإمام السيوطي: السبع الطوال أولها البقرة وآخرها براءة كذا قال جماعة الإتقان في علوم القرآن للإمام السيوطي ۱/ ٦۳.، وقال سعيد بن جبير: إن سورة يونس هي السابعة فعن سعيد بن جبير في قوله تعالى: {سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} قال: السبع الطول، البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، باب في تعظيم القرآن، فصل في فضائل السور والآيات ذكر السبع الطوال ۲/ ٤٦٦ رقم ۲٤۱۸.. واستدل على ذلك بما أخرجه ابن حبان في صحيحه بسنده عن أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري قال: سمع عثمان أن وفد مصر قد أقبلوا فاستقبلهم، فلما سمعوا به أقبلوا نحوه إلى المكان الذي هو فيه، فقال له: ادع بالمصحف. فدعا بالمصحف، فقالوا له: افتح السابعة - وكانوا يسمون سورة يونس السابعة - فقرأها حتى أتى على هذه الآية {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} سورة يونس الآية رقم ٥۹ والحديث أخرجه ابن حبان في صحيحه، الإحسان في كتاب إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن مناقب الصحابة ۱٥/ ۳٥۷، رقم ٦۹۱۹، وأخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب التفسير باب سورة يونس ۲/ ۳۳۹ وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي. وذكره الحافظ ابن حجر في المطالب العالية في بقية سطر فارغ كتاب الفتن، باب مقتل عثمان - رضي الله عنه - ٤/ ۲۸۳ رقم ٤٤۳۸ وعزاه لإسحاق بن راهويه في مسنده وقال: رواته ثقات سمع بعضهم من بعض. إلى آخر الحديث. قلت: هذا الحديث أخرجه الإمام الطبري في تاريخه أخرجه الإمام ابن جرير الطبري في تاريخ الأمم والملوك ۲/ ٦٥٥ في أحداث سنة ۳٥ من الهجرة. وجاء في لفظه: فقالوا له: افتح التاسعة وكانوا يسمون سورة يونس التاسعة إلى آخر الحديث وهذه الرواية تشهد للرأي الأول. قال الطيبي: سورة الأنفال والتوبة نزلتا منزلة سورة واحدة وكمل السبع الطول بها، ثم قيل: السبع الطول هي: البقرة وبراءة وما بينهما، وهو المشهور، لكن روى النَّسَائِيّ والحاكم عن ابن عباس أنها البقرة والأعراف وما بينهما قال الراوي: وذكر السابعة فنسيتها. وهو يحتمل أن تكون الفاتحة فإنها السبع المثاني ونزلت سبعتها منزلة المئين، ويحتمل أن تكون الأنفال بانفرادها أو بانضمام ما بعدها إليها، وصح عن ابن جبير أنها يونس وجاء مثله عن ابن عباس عون المعبود شرح سنن أبي داود ۲/ ٤۹۸.. قال أبو جعفر النحاس: المختار أن تأليف السور على هذا الترتيب - أي ترتيب المصحف - من رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - لحديث واثلة: أعطيت مكان التوراة السبع الطوال. قال فهذا الحديث يدل على أن تأليف القرآن مأخوذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنَّه من ذلك الوقت، وإنما جمع في المصحف على شيء واحد؛ لأنَّه جاء هذا الحديث بلفظ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - على تأليف القرآن. أي ترتيب سوره الإتقان في علوم القرآن للإمام السيوطي ۱/ ٦۲، ٦۳ في النوع الثامن عشر في جمعه وترتيبه آي القرآن الكريم.. وقال الكرماني في البرهان: ترتيب السور هكذا هو عند اللّه في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب، وعليه كان - صلى الله عليه وسلم - يعرض على جبريل كل سنة ما كان يجتمع عنده منه، وعرضه عليه في السنة التي توفي فيها مرتين المرجع السابق..
من أخذ السبع الأول فهو عالم
[۱۷۸] عن عائشة - رضي الله عنهما - أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أخذ السبع الأول من القرآن فهو حبر" حبر - بفتح الحاء وكسرها - هو العالم والجمع أحبار أي علماء، وكان يقال لعبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: الحبر والبحر؛ لسعة علمه (لسان العرب مادة حبر ۱/ ۷٤۸، والنهاية في غريب الحديث ۱/ ۳۲۸)..
• أخرجه الإمام أحمد في المسند ٦/ ۸۲ فقال: حدثنا أبو سعيد، قال: ثنا سليمان بن بلال قال: ثنا عمرو بن أبي عمرو عن حبيب بن هند عن عروة عن عائشة فذكره، وأخرجه أيضًا ص ۷۲، ۷۳ من طريق إسماعيل بن جعفر عن عمرو به. وأخرجه الحاكم في كتاب فضائل القرآن باب من أخذ السبع الأول فهو حبر ۱/ ٥٦٤ من طريق إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو به. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وأخرجه سعيد بن منصور في سننه في كتاب فضائل القرآن ۲/ ۲٦٦، رقم ٦۹ فقال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، قال: نا عمرو بن أبي عمرو به. وأخرجه البزار (انظر كشف الأستار في كتاب التفسير باب في قراءة القرآن ۳/ ۹٥ رقم ۲۳۲۷) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو به. وأخرجه البغوي في شرح السنة في كتاب فضائل القرآن، باب السبع الطول ٤/ ٤٦۸ من طريق إسماعيل بن جعفر عن عمرو به. وأخرجه البيهقي في السنن الصغير في كتاب فضائل القرآن، باب تخصيص السبع الطول بالذكر ۱/ ۲۷۲ رقم ۹۸۰. وأخرجه أيضًا في شعب الإيمان، باب في تعظيم القرآن، فصل في فضائل السور والآيات ذكر السبع الطول ۲/ ٤٦٥ رقم ۲٤۱٥ من طريق إسماعيل بن جعفر به. وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار، باب بيان مشكل ما اختلف فيه عثمان بن عفان وعبد الله بن عباس في الأنفال وبراءة وهل هما سورتان ۲/ ۱٥۳ من طريق عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو به. وأخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن باب فضائل السبع الطول، ص ۱۲۰، فقال: حدثنا إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو به.
• الحكم على الحديث: الحديث صححه الحاكم وأقره الذهبي، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ۷/ ۱٦۲ وقال: رواه أحمد والبزار ورجال البزار رجال الصحيح غير حبيب بن هند الأسلمي وهو ثقة، ورواه بإسناد آخر رجاله رجال الصحيح وذكره الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ٥/ ۳۸٥ رقم ۲۳۰٥، وذكره الإمام السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للحاكم والبيهقي ورمز له بالصحة فيض القدير ٦/ ٤۱.

• ملحوظة: جاء عند الحاكم في المستدرك والبغوي في شرح السنة كلمة "خير" بالخاء المعجمة بدلًا من "حبر" بالحاء المهملة ويبدو أنه تصحيف أو خطأ مطبعي والله أعلم. وللحديث شاهد عن أبي هريرة مرفوعًا بنفس اللفظ. ذكره الحافظ ابن كثير في أول تفسير سورة البقرة باب ذكر ما ورد في فضل السبع الطول ۱/ ۳٥ وعزاه للإمام أحمد فقال: قال أحمد: وحدثنا حسين، حدثنا ابن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال عبد الله بن أحمد: وهذا أرى فيه عن أبيه عن الأعرج ولكن كذا كان في الكتاب، فلا أدري أغفله أبي أو كذا هو مرسل، قلت: لم أقف عليه في مسند الإمام أحمد.
• الحكم على الحديث: ضعيف فيه انقطاع بين عبد الرحمن بن أبي الزناد، والأعرج كما قال عبد اللّه بن الإمام أحمد حيث إن عبد الرحمن بن أبي الزناد لم يرو عن الأعرج - هو عبد الرحمن بن هرمز - وإنما روى عن أبيه عن الأعرج ترجمة عبد الرحمن بن أبي الزناد في (التهذيب ٦/ ۱۷۰، وسير أعلام النبلاء ۸/ ۱٦۷) وقد سبق رقم ۱٥۳.
السبع الطوال مكان التوراة
[۱۷۹] عن واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أعطيت مكان التوراة السبع الطوال، ومكان الزبور المئين، ومكان الإنجيل المثاني، وفضِّلت بالمفصل.
• أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده ص ۱۳٦ رقم ۱۰۱۲ فقال: حدثنا عمران، عن قتادة، عن أبي المليح، عن واثلة بن الأسقع فذكره. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده جـ ٤/ ۱۰۷ فقال حدثنا أبو داود الطيالسي به. وأخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن باب فضائل السبع الطول ص ۱۱۹ من طريق سعيد بن بشير عن قتادة به إلا أن فيه: "وأعطيت المئين مكان الإنجيل وأعطيت المثاني مكان الزبور، وفضلت بالمفصل". وأخرجه البيهقي في السنن الصغير في كتاب فضائل القرآن باب تخصيص السبع الطول بالذكر ۱/ ۲۷۲، رقم ۹۷۸. وأخرجه أيضًا في شعب الإيمان باب في تعظيم القرآن فصل في فضائل السور والآيات ذكر السبع الطوال ۲/ ٤٦٥ رقم ۲٤۱٥ مكرر من طريق أبي داود الطيالسي به. وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار باب: بيان مشكل ما اختلف فيه عثمان بن عفان وعبد اللّه بن عباس في الأنفال وبراءة وهل هما سورتان أو سورة واحدة؟ ۲/ ۱٥٤ من طريق أبي داود الطيالسي به. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد في كتاب التفسير باب سورة الحجر ۷/ ٤٦ وقال: رواه أحمد وفيه عمران القطان وثقه ابن حبان وغيره وضعفه النَّسَائِيّ وغيره، وبقية رجاله ثقات. أخرجه الطبراني في المعجم الكبير جـ ۲۲، ص ۷٦، رقم ۱۸۷ من طريق سعيد بن بشير عن قتادة به. وأخرجه الطبري في جامع البيان عن تأويل آي القرآن ۱/ ٤٤ من طريق أبي داود الطيالسي وأخرجه أيضًا، ص ٤٥ من طريق أبي بردة عن أبي المليح به، بلفظ: أعطاني ربي مكان التوراة السبع الطول، ومكان الإنجيل المثاني، ومكان الزبور المئين، وفضلني بالمفصل.
• رجال الإسناد: عمران هو ابن داوِر القطان صدوق يهم سبق في رقم ۱٤۹. قتادة هو ابن دعامة السدوسي ثقة تقدم في رقم ٤٥ مكرر. أبو المليح هو عامر بن أسامة الهذلي، روى عن أبيه ومعقل بن يسار وابن عباس وواثلة بن الأسقع وغيرهم، وروى عنه: قتادة بن دعامة وأبو قلابة الجرمي وسالم بن أبي الجعد، وغيرهم، قال ابن حجر: ثقة من الثالثة، مات سنة ثمان وتسعين، وقيل: سنة ثمان ومائة روى له الجماعة (سير أعلام النبلاء ٥/ ۹٤، التقريب ۲/ ٤۷٦، التهذيب ۱۲/ ۲٤٦).
• الحكم على الحديث: إسناده حسن فيه عمران القطان صدوق يهم - وقد تابعه عند أبي عبيد والطبراني سعيد بن بشير الأزدي وهو صدوق قاله الذهبي. وقال ابن أبي حاتم: محله الصدق. وقد سبقت ترجمته في رقم ۱۲٦ - وبقية رجاله ثقات.
• التعليق: في هذا الحديث الشريف يبين النبي - صلى الله عليه وسلم - فضل اللّه عليه وعلى أمته، وأن الله سبحانه وتعالى أعطاه ما لم يعط نبيًّا قبله فأوحى الله إلى رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - القرآن الكريم يعادل كثيرًا من الكتب السابقة، ويزيد عليها أنه لا يعدل التوراة وحدها، ولا الإنجيل وحده، وإنما يعدل التوراة والإنجيل والزبور ويزيد عليها جميعًا. إنه الكتاب المهيمن على ما سبقه من الكتب، الكتاب الذي قال اللّه فيه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: ٤۸] فأعطاه الله السبع الطوال مكان التوراة وهي كتاب سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام. والسبع الطوال أولها سورة البقرة وآخرها سورة التوبة، وقيل آخرها سورة يونس. وأعطاه المئين مكان الزبور، وهو كتاب سيدنا داود - عليه السلام - والمئين: هي السور التي تلي السبع الطوال. وسميت بالمئين؛ لأن كل سورة منها تزيد على مائة آية وهذه السور هي: يونس، وهود، ويوسف، والنحل، والإسراء، والكهف، وطه، والأنبياء، والمؤمنون، والشعراء، والصافات. وأعطاه المثاني مكان الإنجيل وهو كتاب سيدنا عيسى عليه السلام والمراد بالمثاني هنا: كل سورة عدد آياتها أقل من مائة آية وليست من المفصل، وسميت بالمثاني؛ لأنها تثنى أكثر مما يثني الطوال والمئون. وقيل: لتثنية الأمثال فيها بالعبر والخبر، وقيل: هي التي تثنى فيها القصص. وهذه السور هي: الأنفال، والرعد، إبراهيم، والحجر، ومريم، والحج، والنور، والفرقان، والنمل، والقصص، والعنكبوت، والروم، ولقمان، والسجدة، والأحزاب، وسبأ، وفاطر، ويس، وص، والزمر، وغافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف، ومحمد، والفتح، والحجرات. وفضل النبي - صلى الله عليه وسلم - على سائر الأنبياء بالمفصل وهو ما ولي الثاني من السور، وسميت بذلك؛ لكثرة الفصول التي بين السور بالبسملة، وقيل: لقلة المنسوخ فيه، ولهذا يسمى بالمحكم، فقد روى البخاري عن سعيد بن جبير قال: إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم. وروى أيضًا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: جمعت المحكم في عهد رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -. فقلت له: وما المحكم؟ قال: المفصل أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن باب تعليم الصبيان القرآن ۹/ ۸۳ رقم ٥۰۳٥، ٥۰۳٦. وهو من أول سورة "ق" إلى آخر القرآن الكريم الإتقان في علوم القرآن للإمام السيوطي ۱/ ٦۲، ٦۳، والبرهان في علوم القرآن للإمام الزركشي ۱/ ۲٤٤، ۲٤٥، وشعب الإيمان للإمام البيهقي ۲/ ٤٦٦، والسنن الصغير ۱/ ۲۷۲، وجامع البيان عن تأويل آي القرآن لابن جرير الطبري ۱/ ٤٥، ٤٦..
[۱۸۰] عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: آتاني ربي السبع الطوال مكان التوراة، والمئين مكان الإنجيل، وفضلت بالمفصل.
• أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ۸/ ۳۰۸ رقم ۸۰۰۳ فقال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا أحمد بن يونس، ثنا فضيل بن عياض، عن ليث بن أبي بردة عن أبي مليح عن أبي أمامة.
• الحكم على الحديث: إسناده ضعيف فيه ليث بن أبي سليم ضعيف وقد سبقت ترجمته في رقم ۹. وهذا الحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ۷/ ۱۸٥، باب فضل القرآن وقال: رواه الطبراني وفيه ليث بن أبي سليم وقد ضعفه جماعة، ويعتبر بحديثه وبقية رجاله رجال الصحيح. والحديث له شاهد بإسناد حسن تقدم في رقم ۱۷۹.
وفي هذا المعنى من المراسيل:
[۱۸۱] عن أبي قلابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أعطيت السبع مكان التوراة، وأعطيت المثاني مكان الإنجيل، وأعطيت المئين مكان الزبور، وفضلت بالمفصل.
• أخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن، باب فضل فاتحة الكتاب ص ۸۲ رقم ۱٥۷ فقال: أخبرنا عبد الأعلى، ثنا وهيب، عن خالد، عن أبي قلابة فذكره. وأخرجه الطبري في جامع البيان عن تأويل آي القرآن ۱/ ٤٤ من طريق ابن علية عن خالد الحذاء به بلفظ: أعطيت السبع الطول مكان التوراة، وأعطيت المثاني مكان الزبور، وأعطيت المئين مكان الإنجيل، وفضلت بالمفصل.
• رجال الإسناد: عبد الأعلى هو ابن حماد بن نصر، الباهلي مولاهم البصري، أبو يحيى المعروف بالنرسي - بفتح النون وسكون الراء وبالمهملة - نسبة إلى نرس، نهر بالكوفة - روى عن: مالك ووهيب بن خالد، والحمادين وغيرهم، وروى عنه: البخاري ومسلم، وأبو داود وغيرهم، قال أبو حاتم: ثقة. وقال صالح بن محمد بن خراش: صدوق. وقال ابن حجر: لا بأس به من العاشرة، مات سنة سبع وثلاثين ومائتين. التهذيب ٦/ ۹۳، التقريب ۱/ ٤٦٤. وهيب بالتصغير هو ابن خالد، ابن عجلان، الباهلي مولاهم، أبو بكر البصري، ثقة ثبت من السابعة، مات سنة خمس وستين ومائة، روى له الجماعة (التقريب ۲/ ۳۹۹، التهذيب ۱۱/ ۱٦۹). خالد هو ابن مهران البصري الحذاء - بفتح المهملة وتشديد الذال المعجمة - قيل له ذلك؛ لأنَّه كان يجلس عندهم، وقيل أنه كان يقول: أحذ على هذا النحو، روى عن: عبد الله بن شقيق وأبي قلابة ومحمد بن سيرين وغيرهم وروى عنه: الحمادان، والثوري، وشعبة وابن علية وغيرهم. قال ابن حجر: ثقة يرسل من الخامسة، روى له الجماعة، مات سنة إحدى وأربعين ومائة. التهذيب ۳/ ۱۲۰، التقريب ۱/ ۲۱۹. أبو قلابة هو عبد اللّه بن زيد بن عمرو الجرمي، تابعي ثقة من الثالثة سبق في رقم ۱۰۷.
• الحكم على الحديث: مرسل رجاله ثقات وقد سبق موصولًا في رقم ۱۷۹. وللحديث شاهد آخرين عن سعيد بن أبي هلال قال: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أعطيت السبع الطول مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الإنجيل، وأعطيت المثاني مكان الزبور، وفضلت بالمفصل. أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن، باب فضائل السبع الطول ص ۱۲۰ فقال: حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن الليث بن سعد قال حدثنا سعيد بن أبي هلال فذكره.
• رجال الإسناد: عبد اللّه بن صالح كاتب الليث بن سعد، حديثه حسن سبق في رقم ۱۱٦. الليث بن سعد ثقة ثبت سبق في رقم ۱۱٦. سعيد بن أبي هلال الإمام الحافظ الفقيه، أبو العلاء الليثي مولاهم، المصري أحد الثقات، روى عن نافع وابن شهاب وأبي بكر بن حزم وأرسل عن جابر وغيره، وروى عنه الليث بن سعد وغيره، قال بن حجر: صدوق من السادسة مات بعد الثلاثين ومائة، روى له الجماعة (سير أعلام النبلاء ٦/ ۳۰۳، التهذيب ٤/ ۹٤، التقريب ۱/ ۳۰۷).
• الحكم على الحديث: مرسل إسناده حسن وقد سبق موصولًا في رقم ۱۷۹، ۱۸۰.
[۱۸۲] عن أبي الجلد قال: أنزلت صحف إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست خلون من رمضان، وأنزل الزبور لاثنتي عشرة خلون من رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين ليلة خلت من رمضان، وذكر لنا أن نبي اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: أعطيت السبع الطوال مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الإنجيل، وأعطيت الثاني مكان الزبور، وفضلت بالمفصل.
• أخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن، باب كيف أنزل القرآن وفي كم أنزل؟ ص ۷٤ رقم ۱۲۷ فقال: حدثنا محمد بن العباس بن الوليد، ثنا يزيد، ثنا سعيد، عن قتادة، ثنا صاحب لنا، عن أبي الجلد قال: فذكر الحديث. وذكره السيوطي في الدر المنثور في تفسير سورة البقرة ۱/ ٤٥٦ ط: دار الفكر وعزاه لابن الضريس.
• الحكم على الحديث: ضعيف فيه رجل مبهم وأبو الجلد لم أقف على ترجمته والجزء الثاني من الحديث سبق من حديث واثلة بن الأسقع بإسناد حسن رقم ۱۷۹. والجزء الأول أخرج مثله الإمام أحمد في المسند ٤/ ۱۰۷ من طريق أبي المليح عن واثلة بن الأسقع.
وفي هذا المعنى من الموقوفات:
[۱۸۳] عن المسيب بن رافع قال: قال عبد اللّه (ابن مسعود): السبع الطول مثل التوراة، والمئين مثل الإنجيل، والمثاني مثل الزبور، وسائر القرآن بعد فضل.
• أخرجه الدارمي في كتاب فضائل القرآن، باب فضائل الأنعام والسور ۲/ ٥٤٥ رقم ۳٤۰۰ فقال: حدثنا معاذ بن هانئ، ثنا إبراهيم بن طهمان، ثنا عصام، عن المسيب بن رافع فذكره. وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في كتاب فضائل القرآن، باب ما شبه من القرآن بالتوراة والإنجيل ۱۰/ ٥٥٤ رقم ۱۰۳۲۰ من طريق زائدة عن عاصم به. أخرجه أبو جعفر بن جرير الطبري في تفسيره جـ ۱/ ٤٥ من طريق عمرو بن أبي قيس عن عاصم به. • الحكم على الأثر: ضعيف حيث إن المسيب بن رافع لم يلق ابن مسعود ولم يرو عنه، وبقية رجال إسناده ثقات، وقد سبق مرفوعًا في رقم ۱۷۹، ۱۸۰. والمسيب بن رافع هو الأسدي، الكاهلي أبو العلاء الكوفي، الأعمى، روى عن: البراء بن عازب، وحارثة بن وهب، وأبي صالح السمان وغيرهم. وروى عنه الأعمش ومنصور، وعاصم بن بهدلة وغيرهم، قال العوام بن حوشب: كان المسيب يختم القرآن في كل ثلاث. قال العجلي: كوفي تابعي ثقة. وقال ابن حجر: ثقة من الرابعة، مات سنة خمس ومائة، روى له الجماعة. وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: المسيب عن ابن مسعود مرسل، وقال مرة: لم يلق ابن مسعود (التهذيب ۱۰/ ۱٥۳، التقريب ۲/ ۲٥۰، سير أعلام النبلاء ٥/ ۱۰۲).

هن السبع المثاني
[۱۸٤] عن عبد اللّه بن مسعود - رضي الله عنهما - قال: أوتي رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - سبعًا من المثاني الطول، وأوتي موسى - عليه السلام - ستًّا -، فلما ألقى الألواح رفعت ثنتان وبقي أربع.
• أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب من قال هي الطول جـ ۲، ص ۷۳ رقم ۱٤٥۹ فقال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جرير، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وأخرجه النَّسَائِيّ في كتاب الافتتاح باب تأويل قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} [الحجر: ۸۷] جـ ۲/ ۱۳۹، ۱٤۰ فقال: أخبرني محمد بن قدامة قال: حدثنا جرير به. بلفظ: أوتي النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعًا من الثاني. السبع الطول. وأخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب التفسير باب تفسير سورة الحجر ۲/ ۳٥٤، ۳٥٥ من طريق إسحاق بن إبراهيم عن جرير به بلفظ: "أوتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعًا من المثاني والطول، وأوتي موسى ستًّا" وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان، باب في تعظيم القرآن، فصل في فضائل السور والآيات في ذكر السبع الطول ۲/ ٤٦٦ رقم ۲٤۱٦ من طريق الحاكم وبمثل لفظه. وأخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن، باب في فضل سورة البقرة، ص ۸۹ رقم ۱۸۱ من طريق جعفر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} قال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس. قال: قلت لابن جبير ما المثاني؟: قال يثنى فيهن القضاء والقصص. وأخرجه ابن جرير الطبري في التفسير ۱٤/ ۳٥ من طريق مسلم البطين عن سعيد بن جبير. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ۱۱/ ٥۹ رقم ۱۱۰۳۸ من طريق مجاهد عن ابن عباس. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد في كتاب التفسير، باب تفسير سورة الحجر ۷/ ٦۷ وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
• الحكم على الحديث: صحيح فقد صححه الحاكم وأقره الذهبي.
[۱۸٥] عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} قال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس، قال: قلت لابن جبير: سُميت المثاني تثنى فيها القضاء والقصص، وكان مجاهد يقول في السبع الطول: ويقال: هي القرآن العظيم.
• أخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن باب في فضل سورة البقرة، ص ۸۹ رقم ۱۸۱ فقال: أخبرنا ابن أبي جعفر، عن يحيى بن الضريس، عن هشيم، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره. وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان، باب في تعظيم القرآن، فصل في فضائل السور والآيات، ذكر السبع الطول ۲/ ٤٦٦ رقم ۲٤۱۷ من طريق أبي إسحاق عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير به. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ۱۱/ ٥۹ رقم ۱۱۰۳۸ من طريق مجاهد عن ابن عباس. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد في كتاب التفسير باب سورة الحجر ۷/ ٤٦ وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
• رجال الإسناد: ابن أبي جعفر هو محمد بن عبد الله بن أبي جعفر الرازي، روى عن: أبيه وعبد العزيز بن أبي حازم وإبراهيم بن المختار وغيرهم، وروى عنه: محمد بن أيوب بن الضريس وأبو حاتم، وقال: صدوق، والحسن بن العباس الجمال وآخرون، قال ابن حجر: صدوق من العاشرة، روى له أبو داود (التهذيب ۹/ ۲٥٤، التقريب ۲/ ٤۷٥، الكاشف ۳/ ٥۹). يحيى بن الضريس - بمعجمة ثم مهملة مصغرًا - ابن يسار البجلي مولاهم، أبو زكريا الرازي القاضي. روى عن الثوري، وزائدة، وزكريا بن إسحاق وغيرهم. وروى عنه: جرير بن عبد الحميد وصالح بن الضريس وغيرهم قال ابن معين: ثقة، وقال النَّسَائِيّ: ليس به بأس، وقال ابن حجر: صدوق من التاسعة، مات سنة ثلاث ومائتين، روى له مسلم والترمذي (التهذيب ۱۱/ ۲۳۲، التقريب ۲/ ۳٥۰). هشيم هو ابن بشير بن القاسم الواسطي. ثقة ثبت يدلس، سبق في رقم ٤۸. جعفر هو ابن إياس اليشكري، أبو بشر الواسطي، روى عن: عباد بن شرحبيل اليشكري، وسعيد بن جبير وعطاء وعكرمة وآخرون وروى عنه: الأعمش، وأيوب، وهشيم، وخالد بن عبد الله الواسطي وعدة. قال ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والعجلي والنسائي: ثقة. وقال البرديجي: كان ثقة وهو من أثبت الناس في سعيد بن جبير. وقال ابن حجر: ثقة من الخامسة مات سنة ست وعشرين ومائة روى الجماعة (التهذيب ۲/ ۸۳، التقريب ۱/ ٤۲۹). سعيد بن جبير ثقة ثبت سبق في رقم ۱۷٦. عبد اللّه بن عباس صحابي جليل - رضي الله عنه - وعن الصحابة أجمعين.
• الحكم على الأثر: إسناده ضعيف ورواته ثقات إلا أن هشيم بن بشير مدلس وقد رواه بالعنعنة، وقد تابعه أبو إسحاق عن مسلم عن سعيد بن جبير عند البيهقي.

فضل سورة الأنفال
من السور المثاني التي أوتيها النبي - صلى الله عليه وسلم - مكان الإنجيل السور المثاني هي كل سورة أقل من مائة آية وليست من المفصل وتقدم بيانها في التعليق على الحديث رقم ۱۷۹.:
[۲۰٤] عن عبد اللّه بن عباس - رضي الله عنهما - قال: قلت لعثمان بن عفان - رضي الله عنه -: ما حملكم أن عمدتم إلى براءة وهي من المئين، وإلى الأنفال وهي من المثاني فجعلتموهما في السبع الطوال، ولم تكتبوا بينهما سطر بسم اللّه الرحمن الرحيم؟ قال عثمان: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مما ينزل عليه الآيات فيدعو بعض من كان يكتب له ويقول له: ضع هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وتنزل عليه الآية والآيتان فيقول مثل ذلك، وكانت الأنفال من أول ما نزل عليه بالمدينة، وكانت براءة من آخر ما نزل من القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظنت أنها منها، فمن هناك وضعتهما في السبع الطوال ولم أكتب بينهما سطر بسم اللّه الرحمن الرحيم. وفي رواية: فقبض رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ولم يبين لنا أنها منها.
• أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب من جهر بها أي البسملة ۱/ ۲۰٦ رقم ۷۸٦ فقال: أخبرنا عمرو بن عون، أخبرنا هشيم، عن عوف، عن يزيد الفارسي قال: سمعت ابن عباس قال: فذكر الحديث. والرواية الأخرى رقم ۷۸۷ من طريق مروان بن معاوية أخبرنا عوف الأعرافي به. وأخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة التوبة ٥/ ۲٥٤ رقم ۳۰۸٦ من طريق يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر وابن أبي عدي وسهل بن يوسف قالوا: حدثنا عوف بن أبي جميلة به وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب التفسير، باب سورة التوبة ۲/ ۳۳۰ من طريق روح بن عبادة بن عوف ابن أبي جميلة به وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي فقال: صحيح. وأخرجه النَّسَائِيّ في السنن الكبرى في كتاب فضائل القرآن، باب السورة التي يذكر فيها كذا ٥/ ۱۰ رقم ۸۰۰۷ من طريق يحيى بن سعيد قال: ثنا عوف به. وأخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) في كتاب الوحي، باب ذكر ما كان يأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - بكتبه القرآن عند نزول الآية بعد الآية ۱/ ۲۳۰ رقم ٤۳ من طريق عثمان بن الهيثم المؤذن، حدثنا عوف به. وأخرجه الإمام أحمد في المسند ۱/ ٥۷، ٦۹ عن يحيى بن سعيد ثنا سعيد ثنا عوف به. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى في كتاب الصلاة، باب الدليل على أن ما جمعته مصاحف الصحابة - رضي اللّهم عنهم - كله قرآن وبسم الله الرحمن الرحيم في فواتح السور سوى سورة براءة من جملته ۲/ ٤۲ وفيه يزيد أيضًا.
• الحكم على الحديث: الحديث قال عنه الترمذي: حسن صحيح، وأخرجه ابن حبان في صحيحه، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، لكن الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه لمسند الإمام أحمد ۱/ ۳۳۲ رقم ۳۹۹ بعد أن ذكر من أخرجه من الأئمة وتصحيح الحاكم وموافقة الذهبي قال: وفيه نظر، فإن الشيخين لم يخرجا ليزيد الفارسي ثم هو في عداد المجهولين فكيف يصح حديثه. قلت: قد ترجم الحافظ ابن حجر ليزيد الفارسي فقال: يزيد الفارسي البصري، روى عن ابن عباس، وروى عنه: مالك بن دينار وعبد الله بن فيروز الداناج، وعون بن ربيعة الثقفي، وعوف الأعرابي: قال بعضهم: أنه هو يزيد بن هرمز. والصحيح أنه غيره، قال ابن حجر: مقبول من الرابعة، روى له أبو داود والترمذي والنسائي وقال أبو حاتم: لا بأس به (التهذيب ۱۱/ ۳۷٤، التقريب ۲/ ۳۷۳)، وترجم الإمام المزي له في تهذيب الكمال ۳۲/ ۲۸۷ وأخرج هذا الحديث بإسناده من طرق، وأفاد أن أبا داود أخرجه من طرق وهذا يدل على أن يزيد الفارسي هذا هو المراد وهو ليس مجهولًا.
• التعليق: يسأل سيدنا عبد اللّه بن عباس سيدنا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فيقول: ما الباعث إلى أن عمدتم إلى سورة الأنفال وهي من المثاني - والمثاني هي كل سورة أقل من مائة آية وليست من المفصل - وإلى براءة - أي سورة التوبة - وهي من المئين - أي أكثر من مائة آية - فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم اللّه الرحمن الرحيم ووضعتموهما في السبع الطول؟ فقال عثمان - رضي الله عنه -: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يأتي عليه الزمان - أي الزمان الطويل ولا ينزل عليه شيء. فكان إذا نزل عليه شيء من القرآن دعا بعض من كان يكتب الوحي كزيد بن ثابت ومعاوية وغيرهما فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا. وهذا دليل على أن ترتيب الآيات توقيفي وعليه الإجماع والنصوص المترادفة. قوله: (وكانت الأنفال من أول ما نزل بالمدينة وكانت براءة من آخر ما نزل من القرآن). أي فهي مدنية أيضًا وبينهما النسبة الترتيبية بالأولية والأخروية، فهذا أحد وجوه الجمع بينهما (وكانت قصتها) أي الأنفال (شبيهة بقصتها) أي براءة ويجوز العكس. ووجه كون قصتها شبيهة بقصتها أن في الأنفال ذكر العهود وفي براءة نبذها فضمت إليها. ولأن الأنفال بينت ما وقع له - صلى الله عليه وسلم - مع شركي مكة، وبراءة بينت ما وقع له مع منافقي أهل المدينة. قوله: فظننت أنها، أي التوبة (منها) أي الأنفال (فمن هناك) أي لما ذكر من عدم تبيينه، ووجوه ما ظهر لنا من المناسبة بينهما (وضعتهما في السبع الطول ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم) لأن البسملة كانت تنزل للفصل بين السور ولم تنزل، ولم أكتب. وقال القشيري: الصحيح أن البسملة لم تكن فيها، لأن جبريل - عليه السلام - لم ينزل بها فيها. وعن ابن عباس قال: لم تكتب البسملة في براءة؛ لأنها أمان وبراءة نزلت بالسيف. وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في بيان الحكمة من عدم نزول البسملة: أن بسم الله أمان وليس فيها - أي براءة - أمان، نزلت بالسيف وكانت العرب تكتبها - أي البسملة - أو مراسلاتهم في الصلح والأمان والهدنة فإذا نبذوا العهد، ونقضوا الأيمان لم يكتبوها ونزل القرآن على هذا الاصطلاح. وقال الطيبي: دل هذا الكلام على أنهما نزلتا منزلة سورة واحدة وكمل السبع الطول بها ثم قيل: السبع الطول هي: البقرة وبراءة وما بينهما وهذا هو المشهور البرهان في علوم القرآن ۱/ ۲٦۲، عون المعبود شرح سنن أبي داود ۲/ ٤۹۷، ٤۹۸، تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي ۸/ ٤۷۸، ٤۷۹..