سورة آل عمران
أسماؤها التوقيفية:
سورة آل عمران، وسورة الزهراء.
أسماؤها الاجتهادية:
سورة طيبة، وسورة الكنز، وسورة الأمان، والمجادلة، والاستغفار، والمعينة، وسورة التوحيد، وتاج القرآن.
أسماؤها التوقيفية:
- الاسم الأول: سورة آل عمران:
اشتهرت تسمية هذه السورة ب (سورة آل عمران)، وبذلك عنونت في المصاحف وفي كتب التفسير والحديث. وقد ثبتت تسميتها بهذا الاسم في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وفي كلام الصحابة.
- فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اقرأوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، اقرأوا الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران ... » الحديث أخرجه مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب (فضل قراءة القرآن وسورة البقرة) حديث رقم (۸۰٤)(۱/ ٥٥۳)..
- وعن النواس بن سمعان الكلابي رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به، تقدمه سورة البقرة وآل عمران ... » الحديث أخرجه مسلم كتاب صلاة المسافرين، باب (فضل قراءة القرآن وسورة البقرة) حديث رقم (۸۰٥)(۱/ ٥٥٤)..
- وسمَّاها عثمان بن عفان رضي الله عنه سورة آل عمران، فقد أخرج الدارمي في سننه عنه أنه قال: (من قرأ سورة آل عمران في ليلة كتب له قيام ليلة)كتاب فضائل القرآن، باب (في فضل آل عمران) حديث رقم (۳۳۹٦)(۲/ ٥٤٤)..
- كما سمَّاها ابن عباس رضي الله عنهما بهذا الاسم، ففي الحديث الصحيح: «أنه بات ليلة عند ميمونة أم المؤمنين - وهي خالته - قال: فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتصف الليل أو قبله بقليل، أو بعده بقليل استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر الآيات الخواتيم من سورة آل عمران ... » إلى آخر الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب تفسير القرآن، (سورة آل عمران) حديث رقم (٤٥۷۱)(٥/ ۲۱۰)، ومسلم في صحيحه كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب (الدعاء في صلاة الليل وقيامه) حديث رقم (۷٦۳)(۱/ ٥۲٦)..
- وجه التسمية:
ووجه تسميتها بسورة آل عمران، أنها ذكرت فيها أسرة آل عمران وفضائلها.
وقد جاء ذكر (عمران) في هذه السورة مرتين في آيتين متتاليتين في قوله تعالى: {* إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (۳۳) ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (۳٤) إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (۳٥).
واختلف في عمران المذكور هنا، فقيل: أبو موسى وهارون، قاله مقاتل، وقيل: أبو مريم، قاله الحسن ووهب، والظاهر الثاني بدليل القصة الآتية في عيسى ومريم، وبين العمرانين من الزمن ألف وثمانمائة سنة انظر: الرازي (۸/ ۲۱)، وابن الجوزي (۱/ ۳۷٥)، والخازن (۱/ ۲۳۹)، والجمل (۱/ ۲٦۱)..
ونحن إذا تتبعنا أسماء السور في القرآن الكريم نجدها تشير إلى أهم وأغرب ما اشتملت عليه السورة، وإذا قرأنا هذه السورة من أولها إلى آخرها نجد أن أغرب ما فيها، وما عنت بتفصيله السورة هو قصة عيسى وأمه، وما تجلَّى فيها من مظاهر القدرة الإلهية بولادة مريم وابنها عيسى عليه السّلام، ولا نجد فيها شيئاً غريباً أو هامّاً يتعلق بخصوص موسى وهارون، وهذا يؤيد ما ذكرناه من أن عمران هو والد مريم لا أبو موسى وهارون.
قال الألوسي: (ويرجح كون المراد به أبا مريم، أن الله تعالى ذكر اصطفاءها بعد، ونص عليه، وأنه قال سبحانه: {إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (۳٥)، والظاهر أنه شرح لكيفية الاصطفاء المشار إليه بقوله: {وَآلَ عِمْرانَ}. روح المعاني (۳/ ۱۳۷)..
- الاسم الثاني: سورة الزهراء:
وهي تشترك بهذا الاسم مع سورة البقرة، وقد ذكرت الأحاديث الدالة على تسميتها بهذا الاسم في سورة البقرة.
كما ذكرت وجه التسمية وما قاله القرطبي فيها، وأضاف القاسمي في وجه التسمية: «أنها سُميت بذلك، لأنها كشفت ما التبس على أهل الكتابين من شأن عيسى عليه السّلام»محاسن التأويل (٤/ ۷٤)..
أسماؤها الاجتهادية:
- الاسم الأول: سورة طيبة:
وردت تسمية هذه السورة (سورة طيبة) في كتب المفسرين، واستدلوا بما أخرجه سعيد بن منصور في سننه عن أبي عطاف أبو عطاف: عمران بن عطاف الأزدي، أبو عطاف البصري، قائد من الشجعان، كان مع حنظلة بن صفوان بإفريقية، يروي عن: أبي هريرة، ذكر عباس الدوري في تاريخ ابن معين، أن ابن معين قال: «أبو عطاف بصري يروي عنه الجريري». وذكره الذهبي في ميزان الاعتدال، ونقل عن ابن المديني أنه قال: «ما أعلم أحدا روى عنه غير الجريري»، وذكره ابن حبان في الثقات. قتل سنة ۱۳۰ هـ على يد إياس أخو عبد الرحمن بن حبيب الذي استولى على إفريقية. انظر: الكامل لابن الأثير (٤/ ۲۷۸)، تاريخ ابن معين (۲/ ۷۱٦)، الثقات (٥/ ٥۸۸)، ميزان الاعتدال (٦/ ۲۲۷)، الاستغناء (۳/ ۱٤۸۷). قال: «اسم آل عمران في التوراة طيبة»كتاب التفسير، تفسير (سورة آل عمران)، حديث رقم (٥٥۳)(۳/ ۱۱۳۸)..
- وفي الدارمي عن أبي السليل أبو السليل: ضُريب بن نقير، ويقال: ابن نفير، أبو السليل، القيسي، الجريري، البصري، من بني قيس، روى عن: أبي حسان خالد القيسي، وسُبيعة الهادي، وأبي عثمان النهدية، وغيرهم، روى عنه: أبو الأشهب جعفر العطاردي، وسليمان التيمي، وعبد السلام بن أبي حازم الجويري، وغيرهم. قال يحيى بن معين: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر: تهذيب الكمال (۱۳/ ۳۰۹)، الإكمال لابن ماكولا (۷/ ۱۷۲)، تاريخ البخاري (٤/ ۳٤۲). قال: «أصاب رجل دماً قال: فأوى إلى وادي مجَنَّة: وادٍ لا يمشي فيه أحد إلا أصابته حَيَّة، وعلى شفير الوادي راهبان، فلما أمسى قال أحدهما لصاحبه: هلك والله الرجل، قال: فافتتح سورة (آل عمران) قالا: فقرأ سورة طيبة لعله سينجو، قال: فأصبح سليماً» كتاب فضائل القرآن، باب (في فضل آل عمران) حديث رقم (۳۳۹۹)(۲/ ٥٤٤)..
ومن المفسرين الذين ذكروا هذا الاسم في كتبهم ابن عطية انظر: (۱/ ۳۹٦).، أبو حيان الأندلسي انظر تفسيره: البحر المحيط (۳/ ۹).، الجمل انظر: (۱/ ۲٤۰).، الألوسي انظر: (۳/ ۷۳).، والقاسمي انظر: (۳/ ۷٤).، كما ذكرها السيوطي في الإتقان انظر: (۱/ ۱۷۲)..
- وجه التسمية:
قال المهايمي المهايمي: علي بن أحمد بن علي المهائمي الهندي، أبو الحسن، علاء الدين، المعروف بالمخدوم، باحث مفسر، كان يقول بوحدة الوجود، مولده ووفاته في مهائم وهي في ناحية الدكن بالهند، وله مصنفات عربية منها: (تبصير الرحمن وتيسير المنان) و (شرح نصوص للقونوي) و (أدلة التوحيد)، توفي سنة ۸۳٥ هـ. انظر: هدية العارفين (۱/ ۷۳۰)، الأعلام (٤/ ۲٥۷)، معجم المؤلفين (۷/ ۹).: «سُميت طيبة لجمعها من أصناف الطيبين في قوله: {الصّابِرِينَ وَالصّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ}(۱۷)» تفسير المهايمي (۱/ ۱۰۱)..
وهذا الاسم لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته رضوان الله عليهم، إنما ورد في الآثار تسميتها بهذا الاسم في التوراة، فلا يعد اسماً للسورة.
- الاسم الثاني: سورة الكنز:
ذكر بعض المفسرين كأبي حيان انظر: (۳/ ۹).، والألوسي انظر: (۳/ ۷۳). تسميتها بسورة الكنز، ولعلهم اقتبسوها من حديث ابن مسعود موقوفاً قال: (نعم كنز الصعلوك سورة آل عمران يقوم بها الرجل في آخر الليل)أخرجه الدارمي، كتاب فضائل القرآن، باب (في فضل آل عمران) حديث رقم (۳۳۹۸)(۲/ ٥٤٤).. وقد ذكر القرطبي في تفسيره أنها كنزٌ للصعلوك انظر: تفسيره (٤/ ۲)..
وقد وجَّه المهايمي تسميتها بذلك لتضمنها الأسرار العيسوية تفسير المهايمي (۱/ ۱۰۱)..
- الاسم الثالث، والرابع، والخامس، والسادس، والسابع، والثامن: سورة الأمان، والمجادلة، والاستغفار، والمعنية، وسورة التوحيد، وتاج القرآن:
وهذه الأسماء ذكرها أبو حيان الأندلسي انظر: (۳/ ۹).، والألوسي انظر: (۳/ ۷۳).، في تفسيريهما، ولم يذكرا مستندهما في ذلك. وقد ذكر المهايمي انظر: تفسيره (۱/ ۱۰۱). وجه تسمية السورة بكل اسم منها بقوله: (الأمان) لأن من تمسَّك بما فيها أمن من الغلط في شأنه. (والمجادلة) لنزول نيف وثمانون آية منها في مجادلة رسول الله صلى الله عليه وسلم نصارى نجران. وسورة الاستغفار لما فيها من قوله: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ}.
وأما المعنية فقد ذكرها الألوسي بهذا اللفظ وذكرها أبو حيان بلفظ (المعينة)، ولم يوردا سبب التسمية بها.
وأما سورة التوحيد وتاج القرآن فأسماها بذلك البقاعي في مصاعد النظر انظر: (۲/ ٦۷). ووجه التسمية؛ لأن مقصود السورة هو التوحيد وهو الأساس الذي لا يقوم بناء شيء من الدين بدونه والذي ليس في درج الإيمان أعلى منه، فالتوحيد تاج الإيمان وسورة آل عمران تاج القرآن.
وهذه الأسماء التي ذكرها المفسرون لم ترد فيها أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته، إنما هي أوصاف وصفت بها السورة، ولعلهم اقتبسوها من القرطبي فيما ساقه من أوصاف السورة في المسألة الثالثة قال: «هذه السورة ورد في فضلها آثار وأخبار، فمن ذلك ما جاء أنها أمان من الحيات، وكنزٌ للصعلوك، وأنها تُحاج عن قارئها في الآخرة، ويكتب لمن قرأ آخرها في ليلة كقيام ليلة، إلى غير ذلك»انظر: تفسيره (٤/ ۲)..