سورة الأعراف
اسمها التوقيفي:
سورة الأعراف.
أسماؤها الاجتهادية:
سورة المص، وأطول الطولين، وسورة الميقات.
اسمها التوقيفي:
- سورة الأعراف: الأعراف في اللغة: جمع عُرف، وكل عالٍ مرتفع انظر: اللسان، مادة (ع ر ف)(۹/ ۲٤۱).. قال الزجاج: «الأعراف أعالي السُّور»معاني القرآن (۲/ ۳٤۲)..
وقال ابن جرير: «وكل مرتفع من الأعراف عند العرب فهو (عُرْف)، وإنما قيل لعرف الديك: (عُرف)، لارتفاعه على ما سواه من جسده» جامع البيان (٥/ ٤۹۷)..
والأعراف: هو السور الذي بين الجنة والنار كما ذكره المفسرون انظر: الطبري (٥/ ٤۹۷ - ٤۹۸)، الماوردي (۲/ ۲۲٥)، ابن الجوزي (۳/ ۲۰٤)، القرطبي (۷/ ۲۱۲)، ابن كثير (۲/ ۳٤٦).. ونُسب هذا القول إلى مجاهد والسدِّي السّدِّي: إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي الكوفي، السدي الكبير، روى عن: أنس، وابن عباس، وعنه: شعبة، والثوري، وأبو بكر بن عياش، وخلق، ورُمي السدي بالتشيع، قال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال أحمد: ثقة، وقال ابن معين: في حديثه ضعف، وقال الطبري: لا يحتج به، توفي سنة ۱۲۷ هـ. انظر: الكاشف (۱/ ۱۲٥)، التهذيب (۱/ ۲۷۳)، ميزان الاعتدال (۱/ ۲۳٦)، التقريب ص ۱۰۸..
وهذا الاسم هو الذي اشتهرت به هذه السورة من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم في كلام أصحابه، فقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة المغرب بسورة الأعراف فرَّقها في ركعتين»أخرجه النسائي في سننه كتاب الافتتاح، باب (القراءة في المغرب ب المص) حديث رقم (۹۹۱)(۲/ ۱۷۰)، وأحمد في مسنده، حديث رقم (۲۳٥۳٤)(٥/ ٥۸۱)، والترمذي في جامعه، كتاب الصلاة باب (ما جاء في القراءة في المغرب)(۲/ ۱۱۳)، وأخرجه الحاكم في المستدرك عن زيد بن ثابت، كتاب الصلاة، (باب التأمين)، حديث رقم (۸٦٦)(۱/ ۳٦۳)..
- وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في المغرب بسورة الأعراف في الركعتين كلتيهما)أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب الصلاة، باب التأمين، حديث رقم (۸٦٦)(۱/ ۳٦۳)..
- وعن مروان بن الحكم، أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: «ما لي أراك تقرأ في المغرب بقصار السور وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها بأطول الطولين، قلت: يا أبا عبد الله ما أطول الطولين؟ قال: الأعراف»أخرجه النسائي، كتاب الافتتاح، باب (القراءة في المغرب ب {المص}) حديث رقم (۹۹۰)(۲/ ۱۷۰)..
وبهذا الاسم دوِّنت السورة في المصاحف وكتب التفسير والحديث.
- وجه التسمية:
ووجه تسميتها بسورة الأعراف، لأنه ذكر فيها لفظ الأعراف في قوله تعالى: {وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ (٤٦)}.
وقد تفردت بذكر شأن أهل الأعراف في الآخرة، ولم يذكر في غيرها من السور بهذا اللفظ، ولكنه ذكر بلفظ (سُور) في سورة الحديد في قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ (۱۳)}.
والأعراف كما ذكرت آنفاً هو السور الذي بين الجنة والنار يحول بين أهلهما.
وقد اختلف المفسرون في أصحاب الأعراف من هم؟ على أقوال عديدة:
فقيل: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فلم يستحقوا الجنة بالحسنات ولا النار بالسيئات فكانوا على الحجاب الذي بين الجنة والنار.
وقال آخرون: هم قوم قتلوا في سبيل الله عصاة لآبائهم في الدنيا.
وقيل: بل هم قوم صالحون فقهاء علماء. وقيل: هم أولاد الزنا. وقيل: هم أنبياء. وقال آخرون: بل هم ملائكة وليسوا ببني آدم، واعترض عليهم. فقيل: إنهم رجال، فكيف تقولون: ملائكة؟ فقالوا: إنهم ذكور وليسوا بإناث، فلا يبعد إيقاع لفظ الرجال عليهم.
كما أوقع على الجن في قوله: {وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً}[الجن: ٦].
إلى غير ذلك من الأقوال، والصواب في ذلك: أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، نص عليه حذيفة وابن عباس وابن مسعود انظر: الطبري: (٥/ ٤۹۸ - ٥۰۱).، وقد جاء في حديث مرفوع أخرجه ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن استوت حسناته وسيئاته فقال: «أولئك أصحاب الأعراف {لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ}». قال ابن كثير في هذا الحديث: «وهذا حديث غريب من هذا الوجه»ابن كثير (۲/ ۳٤۷).. وعلى هذا الرأي أكثر المفسرين انظر: الماوردي (۲/ ۲۲٥)، وابن الجوزي (۳/ ۲۰٤)، والقرطبي (۷/ ۲۱۲)، وابن كثير (۲/ ۳٤٦)..
أسماؤها الاجتهادية:
- الاسم الأول والثاني والثالث: سورة المص، أطول الطولين، سورة الميقات:
ذكر ابن عاشور أنها ربما تدعى بأسماء الحروف المقطعة التي في أولها وهي (ألف - لام - ميم - صاد)، وذكر ما أخرجه النسائي عن عروة، عن زيد بن ثابت أنه قال لمروان: (لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بأطول الطُّولين: {المص})كتاب الافتتاح، باب (القراءة في المغرب بالمص) حديث رقم (۹۸۹)(۲/ ۱٦۹).، وهو يجيء على القول بأن الحروف المقطعة التي في أوائل بعض السور هي أسماء للسور الواقعة فيها، وقال: إن هذا القول ضعيف، فلا يكون {المص} اسماً للسورة.
وإطلاقه عليها إنما هو على تقدير التعريف بالإضافة إلى السورة ذات {المص}، وكذلك سمَّاها الشيخ ابن أبي زيد ابن أبي زيد: عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي زيد النفري، القيرواني، كان شيخ المغرب، وإمام المالكية في وقته، وقدوتهم، وجامع مذهب مالك، شارح أقواله، وكان واسع العلم، كثير الحفظ والرواية، سمع من: أبي سعيد ابن الأعرابي، ومحمد بن مسرور الفال وغيرهما، وتفقه عنه جلّ منهم: أبو القاسم البرادعي، وأبو بكر بن موهب المقبري، وأبو عبد الرحمن ابن العجوز وغيرهم. وكان يعرف بمالك الصغير، من مصنفاته: (مختصر المدونة)، (الرسالة)(النوادر والزيادات على المدونة)، (البيان عن إعجاز القرآن) توفي سنة ۳۸٦ هـ. انظر: شذرات الذهب (۳/ ۱۳۱)، الديباج المذهب (۱/ ٤۲۷). في الرسالة في باب سجود القرآن انظر: التحرير والتنوير (۸/ ٦)..
وما ورد في حديث زيد بن ثابت أنها تدعى أطول الطولين هو وصف للسورة وليس علماً لها. كما ذكر الفيروزآبادي انظر: البصائر (۱/ ۲۰۳ - ۲۰٤). أن هذه السورة تسمى (سورة الميقات)، وعلل سبب تسميتها لاشتمالها على ذكر ميقات موسى في قوله تعالى: {وَلَمّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا}[آية: ۱٤۳]، وأنها تسمى سورة (الميثاق) لاشتمالها على حديث الميثاق في قوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى}[آية: ۱۷۲].
وهذان الاسمان اجتهاديان من الفيروزآبادي ولم يثبت فيهما شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.